Article
الهيدروجين: شحذ طاقة مستقبل التنقل في منطقة الشرق الأوسط

الهيدروجين: شحذ طاقة مستقبل التنقل في منطقة الشرق الأوسط

فبراير ٦, ٢٠٢٣

تمتلك منطقة الشرق الأوسط موارد وفيرة وتنافسية من الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة تجعلها الأقدر على دعم ثورة التنقل المستدام.

ذلك إن شركة رولاند بيرجر مستمرةٌ في إطلاق سلسلة جديدة مكونة من أربعة أجزاء تحت عنوان "الهيدروجين: شحذ طاقة مستقبل التنقل في منطقة الشرق الأوسط". أما هذه السلسلة فهدفها تسليط الضوء على إمكانيات إزالة الكربون باستخدام الهيدروجين والدور الذي تضطلع به هذه الإزالة في الحد من انبعاثات الكربون الناشئة عن قطاع التنقل في المنطقة.

ويوضح الجزء الأول من هذه السلسلة الكيفية التي على نحوها يمكن استخدام الهيدروجين لإزالة الكربون من قطاع التنقل والأسباب التي تقف وراء اعتقادنا في أن ذلك يمثل فرصة لمنطقة الشرق الأوسط. في هذا السياق، ستتناول الأجزاء التالية تقييم استخدام الهيدروجين في قطاعات النقل البحري والطيران والخدمات اللوجستية للطرق، على التوالي.

  • الجزء الأول: نظرة عامة على استخدام الهيدروجين في قطاع التنقل في منطقة الشرق الأوسط
  • الجزء الثاني: استخدام الهيدروجين في القطاع البحري في منطقة الشرق الأوسط
  • الجزء الثالث: استخدام الهيدروجين في قطاع الطيران في منطقة الشرق الأوسط
  • الجزء الرابع: استخدام الهيدروجين في قطاع النقل البري الثقيل في منطقة الشرق الأوسط

الهيدروجين: مستقبل التنقل النظيف
الهيدروجين: مستقبل التنقل النظيف

حددت أغلب دول الشرق الأوسط أهدافها على صعيد الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري من الكربون، وهي بصدد وضع الخطط اللازمة لتحقيق تلك الأهداف. ونظرًا لارتفاع مساهمة قطاع التنقل في تزايد مستويات الانبعاثات، فإن هذا القطاع يمثل محور تركيز أساسي للمساعي الرامية إلى الحد من الانبعاثات.

في ذلك الإطار، تجدر الإشارة إلى أن إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة في منطقة الشرق الأوسط قد تضاعف تقريبًا في السنوات العشرين الماضية ويواصل ارتفاعه بثبات. غير أن نحو 16% من هذه الانبعاثات يمكن أن يُعزى إلى قطاع التنقل، بما في ذلك الطرق والطيران المحلي، وعلاوةً على هذه الأعباء القائمة على الصعيد المحلي، تستأثر منطقة الشرق الأوسط بحصة بالغة من الانبعاثات الناجمة عن الشحن الدولي والسفر الجوي.

ونظرًا للموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي تتمتع به المنطقة، فإنها تمثل ممرًا طبيعيًا لجزء هائل من حركة نقل البضائع والركاب بحرًا وجوًا على مستوى العالم. ذلك إن مضيقي هرمز وباب المندب، باعتبارهما مركزًا بحريًا، يمر عبرهما أكثر من 10% من إجمالي التجارة العالمية، كما يمر ما يزيد عن 40% من طاقة الحاويات العالمية عبر البحر الأحمر وقناة السويس. في عام 2020، استحوذت منطقة الشرق الأوسط على 17% من حركة النقل الجوي للركاب على الصعيد العالمي و15% من إجمالي حركة الشحن الجوي العالمي. فهذا الموقع الاستراتيجي يُعد مكانًا مثاليًا للسفن والطائرات لإعادة التزود بالوقود، ما يجعل من المنطقة بقعة مثالية للدفع باتجاه إزالة الكربون.

على الصعيد نفسه، وعلى الرغم من أن تقنية الكهربة تعد ملائمة لإزالة الكربون المنبعث من الأنواع الأصغر حجمًا من المركبات، فإن الهيدروجين يمثل في الوقت الحالي نهجًا جديرًا بالثقة لإزالة الكربون المنبعث من وسائل النقل البري الثقيل مثل الطائرات والسفن والشاحنات والحافلات. ذلك إنه في النقل البري يمكن استخدام الهيدروجين أو أنواع الوقود الإلكتروني المشتق مثل "الغاز الطبيعي المضغوط الذي يُحقن إلكترونيًا" (e-CNG) و"الميثانول الإلكتروني" (E-MEOH)؛ فمن الممكن للقطارات استخدام خلايا وقود الهيدروجين؛ ويمكن للطائرات استخدام الهيدروجين أو الكيروسين الإلكتروني؛ ويمكن للقطاع البحري استخدام الأمونيا الخضراء أو الميثانول للسفن التي تبحر في المياه العميقة.

تتمتع منطقة الشرق الأوسط بموقع فريد يجعلها الأقدر على قيادة ثورة الهيدروجين، بما في ذلك على صعيد قطاع التنقل

تتمتع منطقة الشرق الأوسط، بما لديها من وفرة في موارد الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة، بموقع فريد يجعلها الأقدر على تحقيق وفورات كبيرة في الحجم وتعزيز ثورة الهيدروجين. ولا أدل على التزام المنطقة باستخدام الهيدروجين من اقتراب العديد من دولها بشدة من إطلاق استراتيجيات وسياسات تنظم استخدام الهيدروجين، كما أن خبراتها في مجال نقل وتخزين الغاز المعقد تعد ميزة إضافية.

تمثل منطقة الشرق الأوسط مركزًا حيويًا للنقل البحري والجوي
تمثل منطقة الشرق الأوسط مركزًا حيويًا للنقل البحري والجوي

في الهيدروجين تكمن إمكانية إحداث الفارق حال قهر التحديات

تضع منطقة الشرق الأوسط آمالًا عظيمة على نجاح استخدام الهيدروجين، يدفعها في ذلك أسس سليمة وأسباب منطقية. ففي الوقت الحالي، يجري تنفيذ العديد من المشاريع النموذجية والتجريبية على مستوى قطاع التنقل بالدول الرئيسية في المنطقة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان ومصر. وتسلط هذه المشاريع الصغيرة الضوء على التحديات الرئيسية المتعلقة بالاستخدام واسع النطاق للهيدروجين في مجال التنقل. وعلى الرغم من أن منطقة الشرق الأوسط تتمتع بموقع فريد يؤهلها لتطوير منظومة الهيدروجين، فهي بحاجة إلى تطبيق عوامل التمكين الرئيسية من أجل قهر التحديات التي جرى تحديدها وزيادة استخدام الهيدروجين منخفض الكربون على مستوى قطاع التنقل.

وفيما يلي أبرز التحديات التي تواجه استخدام الهيدروجين في قطاع التنقل، إلى جانب عوامل التمكين الرئيسية ذات الصلة:

  • عدم كفاية إمدادات الهيدروجين ما يؤدي إلى ارتفاع التكلفة: فلا يزال تزايد إنتاج الهيدروجين الأخضر في مرحلة التشكل، في ظل وجود الجزء الأكبر من المشاريع في أطوار تجريبية أو تطبيقية. ونظرًا لأن وفورات المصانع واسعة النطاق لم تتحقق بعدُ على صعيد إنتاج الهيدروجين الأخضر، فهناك فجوة كبيرة بين السعر الذي يرغب المنتجون في قبوله لقاء الهيدروجين منخفض الكربون وما يرغب المستهلكون في دفعه.
  • ومن شأن انتشار المشاريع واسعة النطاق أن يساعد في التغلب على ذلك التحدي عن طريق خفض تكلفة الإنتاج، كما أن وضع أنظمة شاملة، وتهيئة مناطق جغرافية كاملة مدارة بالهيدروجين (وديان الهيدروجين)، وتوفير الدعم المالي والاقتصادي لمشاريع الهيدروجين، وتوفير عوامل التمكين الرئيسية مثل أنظمة الاعتماد القوية والمعايير الفنية وانظمة إصدار التصاريح، تمثل جميعًا أهمية بالغة لبناء منظومة للهيدروجين.
  • عدم كفاية البنية التحتية اللازمة للتنفيذ: فليست هناك شبكة من البنية التحتية اللازمة لتفعيل استخدام الهيدروجين، كما أنه ليس هناك عدد كاف من محطات التزود بالوقود الهيدروجيني للحافلات والشاحنات؛ ذلك إن الموانئ تفتقر إلى وجود البنية التحتية اللازمة لتزويد السفن بالهيدروجين، ولا يمتلك سوى عدد قليل للغاية من المطارات العالمية الإمدادات الدائمة من وقود الطيران المستدام (SAF). وهذه المعضلة الوجودية المتمثلة في وجوب تحديد ما يجب توفيره أولًا إنما يمكن التخفيف من حدتها من خلال وضع أهداف لتطوير بنية تحتية نظيفة للتنقل. بالإضافة إلى ذلك، فمن شأن توضيح المعايير الداعمة وأنظمة إصدار التصاريح ذات الصلة، إلى جانب ضمان التعاون بين مختلف الجهات في القطاعين العام والخاص، أن يساعد في تطوير البنية التحتية بوتيرة أسرع.
  • التقنيات الناشئة: لا تزال العديد من تقنيات التنقل التي تستخدم الهيدروجين أو مشتقاته قيد التطوير أو في مرحلة إعداد النماذج الأولية ولم يتم تسويقها بالكامل (مثل: الطائرات التي تعمل بخلايا الوقود والسفن التي تُدار بالأمونيا). وتمويل مبادرات البحث والتطوير، وإبرام اتفاقيات نقل التقنية على مستوى الدولة، وتنفيذ المشاريع التجريبية لاختبار التقنية، تمثل جميعها عوامل أساسية في تطوير التقنيات على امتداد سلسلة القيمة في سياق الوقود الهيدروجيني.
  • عدم وضوح اللوائح التنظيمية والحوافز الخاصة بالاستخدام: عدم امتلاك أهداف واضحة على صعيد إزالة الكربون لكل قطاع والافتقار إلى وجود حوافز لاستخدام الهيدروجين، يؤديان إلى الإبطاء من انتشار تقنيات الوقود النظيف القائمة على الهيدروجين. ذلك إنه من شأن وضع أهداف مفصلة على صعيد إزالة الكربون لكل قطاع وتطبيق الآليات والحوافز ذات الصلة مثل أسواق الكربون، المساعدة على زيادة استخدام الهيدروجين منخفض الكربون.

عوامل التمكين الرئيسية لاقتصاد الهيدروجين الشرق أوسطي
عوامل التمكين الرئيسية لاقتصاد الهيدروجين الشرق أوسطي
"يمكن أن تصبح دول الشرق الأوسط مراكز تنقل نظيفة حال توفر مزيج يضم لوائح تنظيمية واضحة وخطط تحفيز قوية والتزامًا بالابتكار."
Portrait of فاتشي كوركيجيان
شريك أول
مكتب دبي, الشرق الأوسط

في الهيدروجين تكمن إمكانية إحداث الفارق حال قهر التحديات

يمكن لمنطقة الشرق الأوسط، ما أن تتوفر بين جنباتها عوامل التمكين الرئيسية ذات الصلة، أن تصبح مركزًا للتنقل النظيف يعزز النقل الخالي من الانبعاثات برًا وبحرًا وجوًا. وعلى الرغم من أن الفرصة كبيرة، فالإطار المتاح للعمل لا يزال محدودًا، ولذلك سيكون للبلدان التي ستسبق إلى ريادة هذا القطاع ميزة كبيرة على صعيد تأمين مكانتها في السوق العالمية المتنامية للوقود النظيف.

ولمّا كانت منطقة الشرق الأوسط تتمتع بموقع مركزي بين قارات أوروبا وآسيا وأفريقيا، فمن الممكن لها أن تصبح مركزًا حيويًا لشركات الطيران التي تتطلع إلى التزود بالوقود الهيدروجيني أو وقود الطيران المستدام (مثل الكيروسين الإلكتروني). كذلك، فإن المنطقة تقع بقلب العديد من طرق الشحن البحري المزدحمة، ما يتيح الفرصة للموانئ الرئيسية لتوفير مخازن للوقود النظيف لشركات الشحن العالمية.

بالمثل، تعد الطرق البرية الوسيلة الأساسية لنقل الركاب والبضائع في دول المنطقة، ولذلك تمثل الخدمات اللوجستية على الطرق أمرًا حيويًا لهذه الدول. من هنا، فمن شأن إنشاء محطات التزود بالوقود الهيدروجيني على طول طرق الإمدادات اللوجستية الرئيسية الممتدة بين دول الشرق الأوسط أن يؤدي إلى خفض الانبعاثات الناتجة عن النقل البري على نحو كبير وأن يشكل "ممرًا هيدروجينيًا" للشاحنات والحافلات، وربما المركبات الصغيرة.

الشرق الأوسط: مركز التنقل النظيف في المستقبل
الشرق الأوسط: مركز التنقل النظيف في المستقبل

تتمتع منطقة الشرق الأوسط بالمتطلبات المسبقة الرشيدة التي تؤهلها إلى أن تصبح مركزًا للتنقل النظيف يقود استخدام الوقود الهيدروجيني منخفض الكربون. سيسلط الجزء الثاني من السلسلة التي عنوانها "الهيدروجين: إزالة الكربون من القطاع البحري" الضوء على دور الهيدروجين في تقليل الانبعاثات الناشئة من القطاع البحري.

قراءات إضافية